الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال الألوسي: والشعبي. وعكرمة، وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه. وأصحابه: إذا أكل الكلب من الصيد فهو غير معلم لا يؤكل صيده، ويؤكل صيد البازي ونحوه وإن أكل، لأن تأديب سباع الطير إلى حيث لا تؤكل متعذر، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقد أخرج عبد بن حميد عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل وإذا أكل الصقر فكل، لأن الكلب تستطيع أن تضربه، والصقر لا تستطيع أن تضربه، وعليه إمام الحرمين من الشافعية؛ وقال مالك. والليث: يؤكل وإن أكل الكلب منه، وقد روي عن سلمان. وسعد بن أبي وقاص. وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم أنه إذا أكل الكلب ثلثيه وبقي ثلثه وقد ذكرت اسم الله تعالى عليه فكل. اهـ. .قال الفخر: وقال الفخر: قوله تعالى: {وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} فيه أقوال: الأول أن المعنى سم الله إذا أرسلت كلبك وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا أسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل» وعلى هذا التقدير فالضمير في قوله عَلَيْهِ عائد إلى {مَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الْجَوَارِحِ} أي سموا عليه عند إرساله. القول الثاني الضمير عائد إلى ما أمسكن يعني سموا عليه إذا أدركتم ذكاته الثالث أن يكون الضمير عائدًا إلى الأكل يعني واذكروا اسم الله على الأكل روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن أبي سلمة «سم الله وكل مما يليك». واعلم أن مذهب الشافعي رحمه الله أن متروك التسمية عامدًا يحل أكله فإن حملنا هذه الآية على الوجه الثالث فلا كلام وإن حملناه على الأول والثالني كان المراد من الأمر الندب توفيقًا بينه وبين النصوص الدالة على حله وسنذكر هذه المسألة إن شاء الله تعالى في تفسير قوله: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (الأنعام 121). اهـ. .قال الألوسي: والسدي، وقيل: لما أمسكن أي سموا عليه إذا أدركتم ذكاته، وقيل: للمصدر المفهوم من كلوا أي سموا الله تعالى على الأكل وهو بعيد وإن استظهره أبو حيان، والأمر للوجوب عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه، وللندب عند الشافعي، وهو على القول الأخير للندب بالاتفاق. اهـ. .قال ابن عاشور: ولقد أبدع إيجازُ كلمة «عليه» ليشمل الحالتين. وحكمُ نسيان التسمية وتعمّد تركها معلوم من كتب الفقه والخلاف، والدينُ يسر. وقد اختلف الفقهاء: في أنّ الصيد رخصة، أو صفة من صفات الذكاة. فالجمهور ألحقوه بالذكاة، وهو الراجح، ولذلك أجازوا أكل صيد الكتابي دون المَجوسي. وقال مالك: هو رخصَة للمسلمين فلا يؤكل صيد الكتابيّ ولا المجوسي ولا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لَيَبْلُوَنَّكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم} [المائدة: 94]. وهو دليل ضعيف: لأنَّه وارد في غير بيان الصيد، ولكن في حُرمة الحَرم. وخالفه أشهب، وابن وهب، من أصحابه. ولا خلاف في عدم أكل صيد المجوسي إلاّ رواية عن أبي ثور إذ ألحقهم بأهل الكتاب فهو اختلاف في الأصل لا في الفرع. اهـ. .قال الفخر: .قال أبو السعود: .قال الألوسي: فقد أخرج الطبراني عن صفوان بن أمية «أن عرطفة بن نهيك التميمي قال: يا رسول الله إني وأهل بيتي مرزوقون من هذا الصيد ولنا فيه قسم وبركة وهو مشغلة عن ذكر الله تعالى، وعن الصلاة في جماعة، وبنا إليه حاجة أفتحله أم تحرمه؟ قال صلى الله عليه وسلم: أحله لأن الله تعالى قد أحله، نعم العمل والله تعالى أولى بالعذر قد كانت قبلى رسل كلهم يصطاد أو يطلب الصيد ويكفيك من الصلاة في جماعة إذا غبت عنها في طلب الرزق حبك الجماعة وأهلها وحبك ذكر الله تعالى وأهله وابتغ على نفسك وعيالك حلالها فإن ذلك جهاد في سبيل الله تعالى» واعلم أن عون الله تعالى في صالح التجار، واستدل بالآية على جواز تعليم الحيوان وضربه للمصلحة لأن التعليم قد يحتاج لذلك، وعلى إباحة اتخاذ الكلب للصيد وقيس به الحراسة، وعلى أنه لا يحل صيد الكلب المجوس، وإلى هذا ذهب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقد روي عنه في المسلم يأخذ كلب الجوسي. أو بازه. أو صقره. أو عقابه فيرسله أنه قال: لا تأكله وإن سميت لأنه من تعليم المجوسي، وإنما قال الله تعالى: {تُعَلّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ الله}. اهـ. .قال نظام الدين النيسابوري في الآيات السابقة: التفسير: وفي بالعهد وأوفى به بمعنى. والعقد وصل الشيء بالشيء على سبيل الاستيثاق والإحكام والعهد وإلزام مع إحكام. والمقصود من الإيفاء بالعقود أداء تكاليفه فعلًا وتركًا. والتحقيق أن الإيمان معرفة الله بذاته وصفاته وأحكامه وأفعاله فكأنه قيل: يا أيها الذين التزمتم بأيمانكم أنواع العقود أوفوا بها. ومعنى تسمية التكاليف عقودًا أنها مربوطة بالعباد كما يربط الشيء بالشيء بالحبل الموثق. قال الشافعي: إذا نذر صوم يوم العيد أو نذر ذبح الولد لغا لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نذر في معصية الله» وقال أبو حنيفة: يجب عليه الصوم والذبح لقوله تعالى: {أوفوا بالعقود} غايته أنه لغا هذا النذر في خصوص كون الصوم واقعًا في يوم العيد وفي خصوص كون الذبح في الولد. وقال أيضًا خيار المجلس غير ثابت لقوله: {أوفوا بالعقود} وخصص الشافعي عموم الآية بقوله: صلى الله عليه وسلم: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا» وقال أبو حنيفة: الجمع بين الطلقات حرام لأن النكاح من العقود بدليل: {ولا تعزموا عقدة النكاح} [البقرة: 235] وق: {أوفوا بالعقود} ترك العمل به في الطلقة الواحدة بالإجماع فيبقى سائرها على الأصل. والشافعي خصص هذا العموم بالقياس وهو أنه لو حرم الجمع لما نفذ وقد نفذ فلا يحرم. ثم إنه سبحانه لما مهد القاعدة الكلية ذكر ما يندرج تحتها فقال: {أحلت لكم بهيمة الأنعام} والبهيمة كل حي لا عقل له من قولهم: استبهم الأمر إذا اشكل. وهذا باب مبهم أي مسدود. ثم خص هذا الاسم بكل ذات أربع في البر والبحر. والأنعام الحافر لأنه مأخوذ من من الإبل والبقر والغنم. قال الواحدي: ولا يدخل في اسم الأنعام الحافر لأنه مأخوذ من نعومة الوطء، وإضافة البهيمة إلى الأنعام للبيان مثل: خاتم فضة بتقدير من. وفائدة زيادة لفظ البهيمة مع صحة ما لو قيل أحلت لكم الأنعام كما قال في سورة الحج هي فائدة الإجمال ثم التبيين. وإنما وحد البهيمة لأنها اسم جمع يشمل أفرادها. وجمع الأنعام لأن النعم مفردًا يقع في الأكثر على الإبل وحدها. وقيل: المراد بالبهيمة شيء وبالأنعام شيء آخر وعلى هذا ففيه وجهان: أحدهما أن البهيمة الظباء وبقرة الوحش ونحوها كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس الأنعام في الاجترار وعدم الأنياب فأضيفت إلى الأنعام لملابسة الشبه. الثاني أنها الأجنة. عن ابن عباس أن بقرة ذبحت فوجد في بطنها جنين فأخذ ابن عباس بذنبها وقال: هذه بهيمة الأنعام وعن ابن عمر أنها أجنة الأنعام وذكاته ذكاة أمة، قالت الثنوية: ذبح الحيوانات إيلام والإيلام قبيح وخصوصًا إيلام من بلغ في العجز والحيرة إلى حيث لا يقدر أن يدفع عن نفسه ولم يكن له لسان يحتج على من يقصد إيلامه، والقبيح لا يرضى به الإله الرحيم الحكيم فلا يكون الذبح مباحًا حلالًا، فلقوة هذه الشبهة زعم البكرية من المسلمين أنه تعالى يدفع ألم الذبح عن الحيوانات. وقالت المعتزلة: إن الإيلام إنما يقبح إذا لم يكن مسبوقًا بجناية ولا ملحوقًا بعوض، وههنا يعوض الله سبحانه وتعالى هذه الحيوانات بأعواض شريفة فلا يكون ظلمًا وقبيحًا كالفصد والحجامة لطلب الصحة وقالت الأشاعرة: الإذن في ذبح الحيوانات تصرف من الله تعالى في ملكه فلا اعتراض عليه ولذا قال: {إن الله يحكم ما يريد} قال بعضهم: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} مجمل لاحتمال أن يكون المراد إحلال الانتقاع بجلدها أو عظمها أو صوفها أو بالكل.
|